من أحسن ما قيل في الإقلال من الطعام قول ابن العلاف:
لا بارك الله في الطـعــام إذا ... كان هلاك النفوس في المجد
كم دخلت أكلة حـشـا شـره ... فأخرجــت روحـه من الجسـد
وقول أبي الفتح البستي:
كل قليلاً تعش طويلاً وتسلـم ... من عوادي الأسقام والأدواء
إنما يغتـذي الــكريم لـيبـقـى ... وبقـــاء الســـفيه لـلإغـتـذاء
سئل أحد الصوفية عن أشعر الناس، فقال: ابن المعتز لقوله:
رأيت بيــوتاً زينــــت بـنـمـــارقٍ ... زين من فيــهن بالوشــي والطرز
فلم أر ديباجاً ولم أر سـنـدسـاً ... بأحسن في دار الكريم من الخبز
وأنشد أبو طالب المأموني لنفسه:
وإلى كم يكون بالخـل أدمـي ... وقليل مـن الـبـــقـول يسـير
هات أيـن الكباب أين الـقـلايا ... أين رخص الشواء أين الفطير
أنا لا أتـرك البذنجـان والـبـط ... يخ والتيــن أو يكـون النـشـور
ومن أحسن ما سمعت في الفالوذج قول السري:
وأحـــمر مبــيض الزجــاج كـأنـه ... رداء عــروس مشــرب بخلـوق
له في الحشا برد الوصال وطيبه ... وإن كــان يلقــــاه بلـون حـريق
كأن بيـاض اللـــوز في جــنبـاتـه ... كواكب لاحت في سماء عقيق
وأحسن ما سمعت في الخبيص قول أبي طالبٍ:
خبيصةٌ في الجام قد قدمت ... مدفونٌ في اللوز والسكر
يأكـــل مـــن يأكــلـهـا جـمةً ... بكفــه فيــها ولم يشـعـر
وحضر جحظة صديقاً له، فقدم إليه مضيرةً بعصيبٍ فلم توافقه، ولم يتبعها بما يدفع مضرتها، فقال:
ولي صاحبٌ لا قدس الله روحه ... وكان مـن الخيرات غير قريب
أكلت عصيباً عنده في مضـيرةً ... فيا لك من يومٍ علي عصـيب
ومما يستحسن للمأمون قوله:
قدم طعامـــك وابـذلـه لــمـن دخـلا .... واحلف على من أبى واشكر لمن أكلا
ولا تكن سابري العرض محتـشـمـاً .... من القلــيل فلســـت الدهر محـتـفـلا
وقول الآخر في ترك التحميد في وسط الأكل:
وحمد الله يحسن كل وقـتٍ ... ولكن ليس في وقت الطعام
لأنك تـــزجر الأضــياف عنـه ... وتأمــــرهم بإسراع الـقـيام
وتؤذيهم وما شبعوا بشـبـعٍ ... وذلك ليــس من خلق الكرام
( هنيئا مريئا ) ..